اضراب موظفي الضرائب العقارية
ان ما شهدته مصر في هذه الآونة من مظاهرات واعتصامات لموظفي الضرائب العقارية ظاهرة تستحق الدراسة ولهذا آثرت ان اقوم بدراسة هذه الظاهرة من جميع جوانبها :
اولا : الاوضاع التي ساعدت على نشأة الظاهرة
- ان ارتفاع الاسعار الجنوني وضعف المرتبات التي يحصل عليها الموظفين ساهمت في تنامي الرغبة في تغيير الوضع القائم ، بحيث انك تجد ان الموظف يبحث عن عمل آخر ويهمل عمله الوظيفي في ظل اهمال حكومي واضح في وضع ضوابط لعمل الموظفين فقد تعود موظف الضرائب العقارية على الذهاب الى النيابة الادارية بسبب او بدون سبب حتى اصبح هذا من صميم الوظيفة العقارية واعتادوا على ذلك ، اضافة الى ذلك اصبح السبيل الوحيد لتحسين الاوضاع المعيية هو الاقتراض من البنوك ، بحيث تجد ان موظفا في بداية حياته لا يستطيع الزواج الا بقرض يلتهم كل مرتبه ، فيضطر لترك العمل او اهماله لعمل اخر يستطيع ان ينفق به على اسرته.
- ايضا غياب العدالة في توزيع الدخل حيث تجد ان موظفا على نفس الدرجة الوظيفية تابع لنفس المصلحة والوزارة يتقاضى اضعاف مرتب موظف العقارية مما خلق نوع من الاحساس بالظلم والقهر أثر نفسيا على العاملين مما ادى بالتدريج الى ضعف الحصيلة . التي ساعد في ضعفها القوانين والتشريعات التي قيدت الضريبة وخلقت نوعا من الظلم الاجتماعي والطبقي حيث ان الضريبة التي من المفترض ان تؤخذ من الاغنياء لترد الى الفقراء غاب عنها هذا العامل واصبحت تحصل من الفقراء لترد الى الاغنياءوبين هذا وذاك اتهم موظف العقارية بضعف الحصيلة رغم انه برئ من هذه تهمة .
ثانيا : بداية الظاهرة :
- نشأ احساس دائم لدى الموظفين بالرغبة في مساواتهم بزملائهم في العامة وافي المصلحة ، وعبر الموظفين بذلك عن طريق ارسال فاكسات وتلغرافات لوزير المالية والجهات المسئولة بالدولة يستصرخونهم لمساواتهم بزملائهم .
- احدث وزير المالية الحالي بطرس غالى نقلة نوعية عام 2005 حينما وعد رابطة الصيارف وهي الجهة المتحدثة باسم موظفي العقارية وعدهم الوزير بنقلهم لتبعية المالية ومساواتهم ماليا حيث قال انه بصدد تقديم قانون جديد لتغيير تشريعات الضرائب العقارية اطيان ومباني مما سيسهم في زيادة الحصيلة بشكل كبير وانه وضع مادة في هذا التشريع لمساواة العاملين بزملائهم في المصلحة .
- الا ان هذا التشريع رغم نشره في الصحف الرسمية والحرة ونال قسطا كبيرا من الدعاية لم يتم تمريره عام 2005 وهكذا تراجع الوزير عن وعوده
- في عام 2006 زادت الدعاية لهذا التشريع وتحدث الاعلام عن اقراره بداية الدورة البرلمانية الا ان التشريع الذي اقرته الحكومة في اكتوبر عام 2006 وتمت عليه كثير من التعديلات حيث رفع من المواد الخاصة بالاطيان الزراعية وابقى فقط على تشريعات المباني
- تلاشى مع الوقت أي امل في اقرار القانون وكذلك تلاشت امال الموظفين وبات مؤكدا لديهم ان وزير المالية يعاملهم بالتسويف وانتهت الدورة البرلمانية دون اقرار القانون.
- تنامى لدى الموظفين احساسهم بالقهر خاصة مع الارتفاع الجنوني في الاسعار الذي التهم بشراهة كل محاولات الدولة في زيادة المرتبات
- بدأت الاعتصامات في الجيزة حيث قاد – كمال ابوعيطه – احد الرجال الثوريين الذين عرفتهم مصر الذي طالما خاض معارك ضد الظلم والقهر والذي تصادف انه احد موظفي الضرائب العقارية المقهورين والى ذلك فقد تبنى القضية واعتبرها قضيته الاولى.
- بدأ احساس بالتعاطف يتنامى لدى بقية الموظفين تجاه ابوعيطه حتى اعتبروه منقذهم ومحررهم من الظلم والاستبداد بحيث انك تكاد تلمس ان كل موظفي العقارية يعرفونه من خلال الصحف الحرة ومدونات الانترنت.
- مع تعاطف الصحف الحرة والاعلام المرئي زاد الاحساس لدى الموظفين في كل انحاء الدولة بأن هناك من يتضامن معهم
ثالثا : دور الصحافة الحرة
ان الصحافة الحرة لعبت دورا اساسيا في قضية موظفي العقارية حيث تبنت صحفا مثل الوفد والبديل والمصري اليوم والدستور والكرامة هذه القضية واعتبرتها قضيتها الاولى حيث افردت العديد من صفحاتها لعرض مشكلات الموظفين وتعنت الدولة ورئيسهم المباشر
رابعا : دور الاعلام الرسمي في التعتيم
حاول الاعلام الرسمي وخاصة صحفا مثل الاهرام – الاخبار – روزاليوسف – الجمهورية حاولت تلك الصحف تقزيم القضية بتجاهلها احيانا وافرادها في مساحات ضيقة في صفحات غير هامة او عن طريق سرد اكاذيب رئيس المصلحة بأن الموظفين لا يقومون بواجباتهم وادعاء ان اقل موظف منهم يتقاضى 1500 جنيه.
خامسا : دور الاعلام المرئي
تناول الاعلام المرئي الحر القضية خاصة بعد الاعتصام واعلان الاضراب وافردت قناة الجزيرة مساحة في برنامج وراء الخبر لمناقشة الاضراب واسبابه لكنها لم تتناول الاعتصام الاكبر في شهر ديسمبر ولا ادري السبب ، بينما تناولت قناة المحور القضية بسردها منذ بدايتها فهي تتبنى مثل هذه القضايا وافردت لها حلقة كاملة ، اما قناة دريم فقد كان لها الدور الاكبر فقد ساهم برنامج العاشرة مساء في وصول الامر الى اعلى مستويات الدولة وذلك بعد عرض الموضوع في حلقتين متتاليتين واستضافة كمال ابوعيطه في حوار جرئ اتى بعده مباشرة قرار جمهوري باحالة القانون الى مجلسي الشعب والشورى تمهيدا لاقراره – اما الاعلام المرئي الرسمي فلم يتطرق للموضوع الا من خلال برنامج حديث المدينة
سادسا : وزير المالية
بدا واضحا للجميع ان المستفيد الاول من اضراب موظفي العقارية هو وزير المالية حيث استخدمهم كعصا للضغط على النظام الرئاسي لتمرير القانون الذي لقى معارضة كبيرة من لوبي اصحاب المصالح اصحاب الشاليهات والفيلات والقرى السياحية التي من المقرر ان يطالها القانون ، غير ان استخدام ورقة المظاهرات والاضرابات امر غير اخلاقي اتبعه وزير المالية فهو جاء على حساب الفقراء والمظلومين وزادهم ظلما .
سابعا : رئيس الوزراء
بدا واضحا للعيان ان رئيس الوزراء ليس له أي صفة او دور في اصدار القرارات الهامة والمصيرية وانه ينتظر ويتهرب لحين صدور القرار من القيادة العليا وان أي وزير او حتى رئيس الوزراء لا يعدو كونه موظف كبير ولكنه غير فعال نتيجة اعتماد الدولة على الرجل الاوحد.
ثامنا : الموظفين
ان هناك الكثير من موظفي العقارية ممن خافوا من مجرد الايماء بالمشاركة في الاضرابات خوفا من قمع الاجهزة الامنية فقد لاحظت ان احد كبار الموظفين في مكتبي بالمنيا تقابل مع ابوعيطه في القاهرة وتعرض لاستعاء جهات امنية عليا ( المخابرات العامة ) وتعرض لتهديد غير مباشر سنتعرض له في موقف الجهات الامنية لاحقا ، غير اننا لا يمكننا ان ننكر ان هناك موظفين اخرون كثر استطاعوا ان يتغلبوا على خوفهم ومنهم من ساعد على التظاهر فقدم المال للموظفين المسافرين للقاهرة ومنهم من سافر بنفسه رغم قلة المال وبرودة الطقس في ديسمر.
تاسعا :
موقف الجهات الامنية
لمست ان الجهات الامنية في المنيا انزعجت بشدة مما جعلهم يحتلون مقر مامورية مطاي في الاضراب الذي تلا عيد الفطر الامر الذي ازعج الموظفين . واثار حفيظتهم ونقمتهم على النظام ، الا ان الامن في القاهرة تعامل مع الاعتصامات بحيادية حينا وبالاستثارة احيانا.
موقف الاخوان المسلمون
لا شك ان الاخوان استطاعوا ان يستغلوا هذه الاعتصامات عن طريق المساهمة فيها بطريقة غير مباشرة عن طريق الزج بعناصرهم الغير معروفة للامن لمساندة التظاهر ولهم خبرة واسعة في هذا المجال كما استطاعوا تجنيد المشكلة سياسيا ولا يخفى على احد انهم طلبوا من منظمي الاعتصام نقله من امام رئاسة الوزراء الى امام مجلس الشعب لكن منظمي الاعتصام رفضوا ذلك لعدم تسييس القضية .
دور الجمعيات الاهلية ومنظمات المجتمع المدني :
لم استطع ان المس أي دور لجمعيات حقوق الانسان.
دور النقابات واتحاد العمال
لعب اتحاد العمال دور الوسيط بين المتظاهرين والحكومة واستخدمته الجهات الحكومية في تسويف القضية وتثبيط ههم المتظاهرين من خلال الوعود البراقة دون تنفيذ ايا منها وقد استجاب منظمي الاضراب لكثير من مطالب مجاور رئيس اتحاد عمال مصر بهدف اظهار اللين واستعطاف الرأي العام الا ان مجاور نفسه مل هذا التسويف خاصة بعد رفض وزير المالية لمطالب الموظفين جملة وتفصيلا بعد ان احس الوزير ان القانون في طريقه الى سلة المهملات ، لقد احس الوزير غالي بالمهانة من تسويف تشريعه الذي دأب على عمله لمدة عامين ولقد سأم مجاور تسويف الوزير ثم رفضه مطالب العمال حتى ضاق به واشار الى انه سيقف بجوار مظاهرات ينظمها موظفو العقارية . وبهذا استفاد الموظفين من تعنت الوزير واستفاد الوزير من اثارة الموظفين حتى ارغم النظام الرئاسي اخيرا على الموافقة على تمرير القانون
ملاحظة : المتابع يستطيع ان يرى كيف ضغط لوبي مستفيد من تعطيل القانون باتجاه منعه من التمرير للمجالس النيابية وكيف استخدم النظام الضغط الجماهيري نحو اقرار القانون تلبية – بحسب ما يرون – لمطالب الموظفين.. أي ان كلا من الحكومة والنظام كانا يريدان لهذه المظاهرات التنامي لكي يلعبوا بهذه الورقة امام اللوبي اصحاب المصالح .
اخيرا : الدروس المستفادة من اضراب موظفي العقارية :
- نستطيع ان نخلص الى شئ واحد وهو ضرورة تلاحم كلا من الجماهير والصحافة الحرة والاعلام المرئي الحر والنقابات ومنظمات المجتمع الاهلي للوقوف في وجه ظلم النظام واصحاب المصالح ذوي النفوذ القوي بالنظام حيث يعتمد النظام على اصحاب النفوذ في بقائه
- ان رئيس الحكومة والوزراء ليسوا الا موظفين كبار ليس لهم أي قدرة على استصدار القرارات الهامة وان جهة واحدة لها الحق في ذلك وهي الرئاسة ولا يستطيع ايا كان ان يسلبها هذا الحق ، فالوزراء ورئيسهم ليسوا سوى خيالات مآته .
- ان مؤسسة الرئاسة تتعرض لضغوط اصحاب النفوذ .
- ان الاخوان المسلمون يمكن ان يسهموا بطريق غير مباشر في التظاهرات بالافراد او الدعم اللوجستي او عن طريق نفوذهم لدى مؤسسات صحفية واعلامية ... نظرا لنظامهم المحكم وقدرتهم النابعة من ايمانهم بمبادئهم ، ومن هنا لعب موقع اخوان اون لاين على شبكة الانترنت دورا اعلاميا استمدت منه بعض الصحف والمدونات الاخبار لحظة بلحظة وبالصور الداعمة حتى اللحظة التي قرر فيها منظمو الاضراب طلب التظاهر امام رئاسة الجمهورية وان موقع اخوان اون لاين هو الموقع الوحيد الذي ذكر صراحة ان المتظاهرين قرروا رفع شكوى للامم المتحدة في حين عدم اجابة مطلبهم التظاهر امام مبنى الرئاسة.
خاتمة :
لقد اردت بهذا البحث رصد ظاهرة حديثة على الشعب المصري ، وهي ظاهرة انتفاضة العاملين بالضرائب العقارية بعد 34 عاما من الظلم ، وكيف اثرت وتؤثر مستقبلا على مصير العمال والموظفين باعتبارها الاولى من نوعها التي يضرب فيها موظفين مصريين عن العمل.
كتبت في الجمعة، 07 كانون الاول، 2007
الموافق الجمعة، 28 ذو القعدة، 1428
احمد العزيزي
موظف بالضرائب العقارية
مطاي - المنيا
ان ما شهدته مصر في هذه الآونة من مظاهرات واعتصامات لموظفي الضرائب العقارية ظاهرة تستحق الدراسة ولهذا آثرت ان اقوم بدراسة هذه الظاهرة من جميع جوانبها :
اولا : الاوضاع التي ساعدت على نشأة الظاهرة
- ان ارتفاع الاسعار الجنوني وضعف المرتبات التي يحصل عليها الموظفين ساهمت في تنامي الرغبة في تغيير الوضع القائم ، بحيث انك تجد ان الموظف يبحث عن عمل آخر ويهمل عمله الوظيفي في ظل اهمال حكومي واضح في وضع ضوابط لعمل الموظفين فقد تعود موظف الضرائب العقارية على الذهاب الى النيابة الادارية بسبب او بدون سبب حتى اصبح هذا من صميم الوظيفة العقارية واعتادوا على ذلك ، اضافة الى ذلك اصبح السبيل الوحيد لتحسين الاوضاع المعيية هو الاقتراض من البنوك ، بحيث تجد ان موظفا في بداية حياته لا يستطيع الزواج الا بقرض يلتهم كل مرتبه ، فيضطر لترك العمل او اهماله لعمل اخر يستطيع ان ينفق به على اسرته.
- ايضا غياب العدالة في توزيع الدخل حيث تجد ان موظفا على نفس الدرجة الوظيفية تابع لنفس المصلحة والوزارة يتقاضى اضعاف مرتب موظف العقارية مما خلق نوع من الاحساس بالظلم والقهر أثر نفسيا على العاملين مما ادى بالتدريج الى ضعف الحصيلة . التي ساعد في ضعفها القوانين والتشريعات التي قيدت الضريبة وخلقت نوعا من الظلم الاجتماعي والطبقي حيث ان الضريبة التي من المفترض ان تؤخذ من الاغنياء لترد الى الفقراء غاب عنها هذا العامل واصبحت تحصل من الفقراء لترد الى الاغنياءوبين هذا وذاك اتهم موظف العقارية بضعف الحصيلة رغم انه برئ من هذه تهمة .
ثانيا : بداية الظاهرة :
- نشأ احساس دائم لدى الموظفين بالرغبة في مساواتهم بزملائهم في العامة وافي المصلحة ، وعبر الموظفين بذلك عن طريق ارسال فاكسات وتلغرافات لوزير المالية والجهات المسئولة بالدولة يستصرخونهم لمساواتهم بزملائهم .
- احدث وزير المالية الحالي بطرس غالى نقلة نوعية عام 2005 حينما وعد رابطة الصيارف وهي الجهة المتحدثة باسم موظفي العقارية وعدهم الوزير بنقلهم لتبعية المالية ومساواتهم ماليا حيث قال انه بصدد تقديم قانون جديد لتغيير تشريعات الضرائب العقارية اطيان ومباني مما سيسهم في زيادة الحصيلة بشكل كبير وانه وضع مادة في هذا التشريع لمساواة العاملين بزملائهم في المصلحة .
- الا ان هذا التشريع رغم نشره في الصحف الرسمية والحرة ونال قسطا كبيرا من الدعاية لم يتم تمريره عام 2005 وهكذا تراجع الوزير عن وعوده
- في عام 2006 زادت الدعاية لهذا التشريع وتحدث الاعلام عن اقراره بداية الدورة البرلمانية الا ان التشريع الذي اقرته الحكومة في اكتوبر عام 2006 وتمت عليه كثير من التعديلات حيث رفع من المواد الخاصة بالاطيان الزراعية وابقى فقط على تشريعات المباني
- تلاشى مع الوقت أي امل في اقرار القانون وكذلك تلاشت امال الموظفين وبات مؤكدا لديهم ان وزير المالية يعاملهم بالتسويف وانتهت الدورة البرلمانية دون اقرار القانون.
- تنامى لدى الموظفين احساسهم بالقهر خاصة مع الارتفاع الجنوني في الاسعار الذي التهم بشراهة كل محاولات الدولة في زيادة المرتبات
- بدأت الاعتصامات في الجيزة حيث قاد – كمال ابوعيطه – احد الرجال الثوريين الذين عرفتهم مصر الذي طالما خاض معارك ضد الظلم والقهر والذي تصادف انه احد موظفي الضرائب العقارية المقهورين والى ذلك فقد تبنى القضية واعتبرها قضيته الاولى.
- بدأ احساس بالتعاطف يتنامى لدى بقية الموظفين تجاه ابوعيطه حتى اعتبروه منقذهم ومحررهم من الظلم والاستبداد بحيث انك تكاد تلمس ان كل موظفي العقارية يعرفونه من خلال الصحف الحرة ومدونات الانترنت.
- مع تعاطف الصحف الحرة والاعلام المرئي زاد الاحساس لدى الموظفين في كل انحاء الدولة بأن هناك من يتضامن معهم
ثالثا : دور الصحافة الحرة
ان الصحافة الحرة لعبت دورا اساسيا في قضية موظفي العقارية حيث تبنت صحفا مثل الوفد والبديل والمصري اليوم والدستور والكرامة هذه القضية واعتبرتها قضيتها الاولى حيث افردت العديد من صفحاتها لعرض مشكلات الموظفين وتعنت الدولة ورئيسهم المباشر
رابعا : دور الاعلام الرسمي في التعتيم
حاول الاعلام الرسمي وخاصة صحفا مثل الاهرام – الاخبار – روزاليوسف – الجمهورية حاولت تلك الصحف تقزيم القضية بتجاهلها احيانا وافرادها في مساحات ضيقة في صفحات غير هامة او عن طريق سرد اكاذيب رئيس المصلحة بأن الموظفين لا يقومون بواجباتهم وادعاء ان اقل موظف منهم يتقاضى 1500 جنيه.
خامسا : دور الاعلام المرئي
تناول الاعلام المرئي الحر القضية خاصة بعد الاعتصام واعلان الاضراب وافردت قناة الجزيرة مساحة في برنامج وراء الخبر لمناقشة الاضراب واسبابه لكنها لم تتناول الاعتصام الاكبر في شهر ديسمبر ولا ادري السبب ، بينما تناولت قناة المحور القضية بسردها منذ بدايتها فهي تتبنى مثل هذه القضايا وافردت لها حلقة كاملة ، اما قناة دريم فقد كان لها الدور الاكبر فقد ساهم برنامج العاشرة مساء في وصول الامر الى اعلى مستويات الدولة وذلك بعد عرض الموضوع في حلقتين متتاليتين واستضافة كمال ابوعيطه في حوار جرئ اتى بعده مباشرة قرار جمهوري باحالة القانون الى مجلسي الشعب والشورى تمهيدا لاقراره – اما الاعلام المرئي الرسمي فلم يتطرق للموضوع الا من خلال برنامج حديث المدينة
سادسا : وزير المالية
بدا واضحا للجميع ان المستفيد الاول من اضراب موظفي العقارية هو وزير المالية حيث استخدمهم كعصا للضغط على النظام الرئاسي لتمرير القانون الذي لقى معارضة كبيرة من لوبي اصحاب المصالح اصحاب الشاليهات والفيلات والقرى السياحية التي من المقرر ان يطالها القانون ، غير ان استخدام ورقة المظاهرات والاضرابات امر غير اخلاقي اتبعه وزير المالية فهو جاء على حساب الفقراء والمظلومين وزادهم ظلما .
سابعا : رئيس الوزراء
بدا واضحا للعيان ان رئيس الوزراء ليس له أي صفة او دور في اصدار القرارات الهامة والمصيرية وانه ينتظر ويتهرب لحين صدور القرار من القيادة العليا وان أي وزير او حتى رئيس الوزراء لا يعدو كونه موظف كبير ولكنه غير فعال نتيجة اعتماد الدولة على الرجل الاوحد.
ثامنا : الموظفين
ان هناك الكثير من موظفي العقارية ممن خافوا من مجرد الايماء بالمشاركة في الاضرابات خوفا من قمع الاجهزة الامنية فقد لاحظت ان احد كبار الموظفين في مكتبي بالمنيا تقابل مع ابوعيطه في القاهرة وتعرض لاستعاء جهات امنية عليا ( المخابرات العامة ) وتعرض لتهديد غير مباشر سنتعرض له في موقف الجهات الامنية لاحقا ، غير اننا لا يمكننا ان ننكر ان هناك موظفين اخرون كثر استطاعوا ان يتغلبوا على خوفهم ومنهم من ساعد على التظاهر فقدم المال للموظفين المسافرين للقاهرة ومنهم من سافر بنفسه رغم قلة المال وبرودة الطقس في ديسمر.
تاسعا :
موقف الجهات الامنية
لمست ان الجهات الامنية في المنيا انزعجت بشدة مما جعلهم يحتلون مقر مامورية مطاي في الاضراب الذي تلا عيد الفطر الامر الذي ازعج الموظفين . واثار حفيظتهم ونقمتهم على النظام ، الا ان الامن في القاهرة تعامل مع الاعتصامات بحيادية حينا وبالاستثارة احيانا.
موقف الاخوان المسلمون
لا شك ان الاخوان استطاعوا ان يستغلوا هذه الاعتصامات عن طريق المساهمة فيها بطريقة غير مباشرة عن طريق الزج بعناصرهم الغير معروفة للامن لمساندة التظاهر ولهم خبرة واسعة في هذا المجال كما استطاعوا تجنيد المشكلة سياسيا ولا يخفى على احد انهم طلبوا من منظمي الاعتصام نقله من امام رئاسة الوزراء الى امام مجلس الشعب لكن منظمي الاعتصام رفضوا ذلك لعدم تسييس القضية .
دور الجمعيات الاهلية ومنظمات المجتمع المدني :
لم استطع ان المس أي دور لجمعيات حقوق الانسان.
دور النقابات واتحاد العمال
لعب اتحاد العمال دور الوسيط بين المتظاهرين والحكومة واستخدمته الجهات الحكومية في تسويف القضية وتثبيط ههم المتظاهرين من خلال الوعود البراقة دون تنفيذ ايا منها وقد استجاب منظمي الاضراب لكثير من مطالب مجاور رئيس اتحاد عمال مصر بهدف اظهار اللين واستعطاف الرأي العام الا ان مجاور نفسه مل هذا التسويف خاصة بعد رفض وزير المالية لمطالب الموظفين جملة وتفصيلا بعد ان احس الوزير ان القانون في طريقه الى سلة المهملات ، لقد احس الوزير غالي بالمهانة من تسويف تشريعه الذي دأب على عمله لمدة عامين ولقد سأم مجاور تسويف الوزير ثم رفضه مطالب العمال حتى ضاق به واشار الى انه سيقف بجوار مظاهرات ينظمها موظفو العقارية . وبهذا استفاد الموظفين من تعنت الوزير واستفاد الوزير من اثارة الموظفين حتى ارغم النظام الرئاسي اخيرا على الموافقة على تمرير القانون
ملاحظة : المتابع يستطيع ان يرى كيف ضغط لوبي مستفيد من تعطيل القانون باتجاه منعه من التمرير للمجالس النيابية وكيف استخدم النظام الضغط الجماهيري نحو اقرار القانون تلبية – بحسب ما يرون – لمطالب الموظفين.. أي ان كلا من الحكومة والنظام كانا يريدان لهذه المظاهرات التنامي لكي يلعبوا بهذه الورقة امام اللوبي اصحاب المصالح .
اخيرا : الدروس المستفادة من اضراب موظفي العقارية :
- نستطيع ان نخلص الى شئ واحد وهو ضرورة تلاحم كلا من الجماهير والصحافة الحرة والاعلام المرئي الحر والنقابات ومنظمات المجتمع الاهلي للوقوف في وجه ظلم النظام واصحاب المصالح ذوي النفوذ القوي بالنظام حيث يعتمد النظام على اصحاب النفوذ في بقائه
- ان رئيس الحكومة والوزراء ليسوا الا موظفين كبار ليس لهم أي قدرة على استصدار القرارات الهامة وان جهة واحدة لها الحق في ذلك وهي الرئاسة ولا يستطيع ايا كان ان يسلبها هذا الحق ، فالوزراء ورئيسهم ليسوا سوى خيالات مآته .
- ان مؤسسة الرئاسة تتعرض لضغوط اصحاب النفوذ .
- ان الاخوان المسلمون يمكن ان يسهموا بطريق غير مباشر في التظاهرات بالافراد او الدعم اللوجستي او عن طريق نفوذهم لدى مؤسسات صحفية واعلامية ... نظرا لنظامهم المحكم وقدرتهم النابعة من ايمانهم بمبادئهم ، ومن هنا لعب موقع اخوان اون لاين على شبكة الانترنت دورا اعلاميا استمدت منه بعض الصحف والمدونات الاخبار لحظة بلحظة وبالصور الداعمة حتى اللحظة التي قرر فيها منظمو الاضراب طلب التظاهر امام رئاسة الجمهورية وان موقع اخوان اون لاين هو الموقع الوحيد الذي ذكر صراحة ان المتظاهرين قرروا رفع شكوى للامم المتحدة في حين عدم اجابة مطلبهم التظاهر امام مبنى الرئاسة.
خاتمة :
لقد اردت بهذا البحث رصد ظاهرة حديثة على الشعب المصري ، وهي ظاهرة انتفاضة العاملين بالضرائب العقارية بعد 34 عاما من الظلم ، وكيف اثرت وتؤثر مستقبلا على مصير العمال والموظفين باعتبارها الاولى من نوعها التي يضرب فيها موظفين مصريين عن العمل.
كتبت في الجمعة، 07 كانون الاول، 2007
الموافق الجمعة، 28 ذو القعدة، 1428
احمد العزيزي
موظف بالضرائب العقارية
مطاي - المنيا